جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد
90573 مشاهدة
الاشتغال بكتب العقيدة

وقد صححنا بعض المسائل في بعض النسخ، وعلى الذين أخذوها من المكتبات أن يصححوا النقص الذي فيها، أما بقية العلماء، فما أذكر أنها شرحت إلا شرح الشيخ ابن عثيمين متأخرًا، وما أذكر أن أحدًا اعتنى بها ولا شرحها، ولعل السبب أن علماء الحنابلة - رحمهم الله - كان جل عملهم واشتغالهم بالمسائل الفقهية.
وما اشتغل بالعقائد إلا القلة منهم، ثم في عهد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، لمَّا أن الله وهبه علمًا وقوة وجراءة وحفظا وذكاءً وقوة أسلوب، ووهبه أيضًا شهرة بين الناس، ومحبةً اشتهر بها في القاصي والداني بما معه من المعلومات - لم يبال بأهل زمانه ولا بمن خالفه بل أفصح بما يعتقده، وجدد عقيدة السلف، وكتب فيها المؤلفات التي لا يستطيع أحد أن يعارضه فيها، وبين فيها ما هو أجلى من الشمس، كما هو مبسوط أو مختصر في مؤلفاته الكبيرة المبسوطة مثل: ( منهاج السنة النبوية ), فإن نحو ثلثه الأول مناقشة في العقيدة، وفي الأسماء والصفات؛ لأن الرافضي الذي رد عليه بدأها بالرد على أهل السنة أنهم مُجسِّمة، وأنهم مشبِّهة.
كذلك ( نقض التأسيس ) والذي طبع بعضه ولعله أن تُطبع بقيته, كذلك رسائله الكثيرة في ( المجموع ) نحو أربعة مجلدات، كلها في الأسماء والصفات، من الثالث إلى السادس، وهكذا غيرها؛ لا شك أنه ما أفصح بذلك إلا لأن الله - تعالى - وهبه علمًا وقدرة على البيان، فلم يستطع أهل زمانه أن يقاوموه، فهو الذي جدد مذهب أهل السنة، فرحمه الله وأكرم مثواه.